كارلوس غصن الرجل الذي صنع المعجزات



الرجل الذي أنقذ «نيسان» من الانهيار



ولد رجل الاعمال كارلوس غصن في مدينة سان بولو البرازيلية من أبويين لبنانيين عام 1954م. عاش صباه في البرازيل وعاد الى لبنان ليتابع دراسته الثانوية في مدرسة الجمهور قرب بيروت، ثم سافر الى باريس بفرنسا للتحصيل الجامعي. تخرج غصن من مدرسة البوليتكنيك في باريس سنة 1974 حاملاً شهادة في الهندسة الكيميائية. ثم تابع دراسته في العلوم الانسانية في «ايكول دي من» وتخرج منها عام 1978. بدأ العمل بعد تخرجه في شركة ميشلان الفرنسية لصناعة الإطارات. وبعد بضع سنوات ارسلته الشركة الى البرازيل ليعِدّ دراسة عن مصنعها هناك، ومنها ذهب الى الولايات المتحدة عام 1989 ليصبح مديراً عاماً ورئيساً لمجلس ادارة «ميشلان – اميركا الشمالية». عاد غصن الى فرنسا عام 1996 لينضم الى شركة رينو لصناعة السيارات، واصبح نائب الرئيس التنفيذي للابحاث والتصنيع في هذه الشركة. واجهته في هذه الوظيفة مشاكل كبيرة. فرينو كانت تعاني مشاكل انتاجية وتسويقية كبيرة، الا انه نجح في ايجاد بعض العلاج لهذه المشاكل، مما شجع الشركة على دعوته للانتقال الى اليابان حيث كانت شركة «نيسان» للسيارات، والتي تملك فيها رينو حصة كبيرة، ترزح تحت دين ضخم يهددها بالانهيار والافلاس. وهكذا ذهب غصن سنة 1999 الى اليابان وكله امل باخراج الشركة من ورطتها ومأزقها المالي ويعيدها الى سابق أيامها الزاهرة. كانت مهمة كارلوس غصن في اليابان صعبة حيث قواعد العمل تختلف تماماً على ما تعود عليه في اوروبا والولايات المتحدة. فالتقاليد والمفاهيم اليابانية لا تزال تلعب دورها الكبير في ادارة الاعمال، صغيرة أكانت ام كبيرة، والعلاقات بين ارباب العمل والعمال تحكمها امور تتعدى الاساليب والانظمة الصارمة والحازمة التي تطبق في الغرب. وضع غصن خطة لانقاذ الشركة ترتكز على اعادة تأهيل هيكلية الشركة. ففكك النظام المركزي الذي كان سائداً واعطى الاداريين التنفيذيين سلطات واسعة، حتى ان العمال سمح لهم الاشتراك في تقديم الاقتراحات وفي احيان تنفيذها. وهكذا أشرك الكل في العملية المتكاملة بدأ بوضع الخطط مروراً بالتنفيذ ومن ثم تسويق الناتج والترويج له. وبالمقابل ألغى الوظيفة الثابتة مدى الحياة المعمول بها في اليابان، كما ألغى نظام الترقية الآلي حسب الاقدمية وجعله خاضعاً للانتاجية، وصرف العديد من الموظفين من دون ان يستبدلهم بجدد. فتح غصن الادارة المالية على السوق الحرة ملغياً النظام السائد الذي يحول دون اكتتاب الاجانب بكميات كبيرة من الاسهم، وبذلك ادخل نيسان في عالم العولمة الجديد وضخ فيها اموالاً قادمة من خارج اليابان. أما على الصعيد الانتاجي فقد وجد غصن ان الطرازات التي تنتجها نيسان محدودة فدفع بطرازات جديدة تقبلها الجمهور في اليابان وفي الخارج بحماس كبير. وهكذا استعادت الشركة حصتها من الاسواق وأكثر وعادت ثقة الناس بسياراتها. وفي اقل من عام كان كارلوس غصن يضع «نيسان» من جديد في الموقع الذي افتقدته سنوات طويلة. وقد أذهل هذا النجاح العالم واصبح اسم غصن متداولاً على النطاق العالمي ووجد لنفسه مقعداً بين كبار رجال الاعمال حتى ان استطلاعاً للرأي بين كبار مديري الشركات العالمية اعطاه المركز الثالث بين الف منهم.كيف انقذ كارلوس غصن نيسان ؟ هذة قصة مختصرة لكيفية انقاذ كارلوس غصن شركة نيسان من الانهيار، ولعل فيها من الدروس والخبرة مما يساعد الكثيرين ممن يواجهون مشاكل في شركاتهم، من أن لا ييأسوا، بل ليعرفوا أن وضع الرجل المناسب في المكان المناسب هي أولى خطوات النجاح بالاضافة الى أمور أخرى سوف تكتشفونها عند قراءة القصة فهناك أربعة أسس للنجاح أولها التكفل الثابت بالنتائج والحلول من الداخل والقرار وسرعة التنفيذ وأخيرا واحترام ثقافة الآخر.بدأت قصة نجاح نيسان حين تسلم كارلوس غصن ادارة شركة نيسان سنة 1999 حين كانت في حالة شبه افلاس تعاني خسائر دائمة وديونا تصل الى 22 مليار دولار، ومبيعات خاسرة أضف الى صورة نيسان المشوهة،.. الخ..وابتداء من السنة المالية 2000، بدأ المصنع يجني الارباح وفي أقل من سنتين تقلّصت الديون الى 4 مليارات دولار ووصل حد الارباح الى أعلى نسبه في تاريخ المصنع وباتت نماذج نيسان الجديدة تلاقي رواجا غير منتظر في الاسواق. وقد قام الصحافي دافيد ماجي بالتحريات حول هذا الانتعاش المذهل واستنتج أن أسلوب غصن الاداري الخاص ساهم بشكل كبير في هذه النجاحات وبالتحديد باتباعه الاسس الادارية الاربعة التالية: التكفل بالنتائج واعتماد الشفافية طوال الوقت بهدف اعادة الثقة واتخاذ القرارات والتنفيذ بسرعة، اذ ان السرعة أساسية لهذا الانعاش، عدم فرض آراء مسبقة لا بل البحث عن الحلول داخل الشركة واحترام ثقافة الآخر دون الخضوع لما تفرضه تقاليده. الانتعاش المذهل كانت نيسان عام 1999، في حالة يرثى لها، غارقة في ديون تصل الى 22 مليار دولار، باختصار كانت على وشك الافلاس. فقد أظهرت معظم المؤشرات موقف الشركة الحرج: انخفاض المبيعات في كل الاسواق وخاصة في اليابان حيث تدنت بنسبة 30 في المئة خلال 3 سنوات؛ أصبحت نماذج نيسان قديمة وأمست صورة نيسان باهتة فقلت قدرة انتاج السيارات بنسبة مليون سيارة تقريبا؛ وعانت خسائر متلاحقة وتكاليف غير موجهة، الخ... كما باءت كل خطط الاصلاح التي اطلقت في التسعينات بالفشل، اذ كانت تصطدم بالتقاليد اليابانية وخاصة بتقليد العمل لمدى الحياة، مما يحرّم أي صرف للعـامــــلــين أو اغلاق للمـصـــنع و خاصة «نظام كيرتسو» القائم بين نيسان وعدد من الشركاء والممولين ذوي الامتياز ولو على حساب مصلحة نيسان الاقتصادية. أبرمت شركتا نيسان ورينو في مارس 1999 اتفاق تحالف. وقد اكدت الدراسات الأولية قدرة هذا التحالف، اذ ان قوة الصانعين متكاملة، ففي حين تخرج رينو من خطة صارمة لتخفيض التكاليف وتتمتع بحالة مادية ممتازة مع أن مبيعاتها محدودة خارج أوروبا، يقتصر سوق نيسان على اليابان وأميركا الشمالية وتتمتع هي الاخرى بمؤهلات عظيمة في الصناعة، وبالتالي اذا نجح التحالف فسيجدي نفعا" لكلا الطرفين الا ان المخاطرة الكبرى تقع على عاتق رينو التي تسدد 33 مليار فرنك فرنسي في مقابل 36.8 في المئة من رأسمال نيسان، مما يعني أن أي فشل لنيسان سيكون بمثابة الضربة القاضية لرينو، ومما يصعب من نجاح هذا التحالف اختلاف الحضارة اليابانية التي تعتمد على الشك في طرق الادارة الاوروبية. سجل عام 2001 نجاحا مذهلا، وقدمت نيسان نتائج قياسية وبدأ المصنع يجني الارباح التي وصلت الى حد 7.9 في المئة وهي أعلى نسبة سجلت بتاريخ نيسان وتقلصت الديون الى أقل من 4 مليارات دولار، وكثرت المبيعات وأضحى سير العملية في أفضل مستوى له. الالتزام بالنتائج إن كارلوس غصن هو السبب الحقيقي وراء الثورة الصناعية في نيسان. فقد الموظفون الثقة بشركتهم ما ان تسلم مهامه. ومع ان الاغلبية بذلت جهدا كبيرا الا أن النتائج لم تكن على القدر المطلوب وكان كل فريق يضع باللائمة على الآخر ولكن الوضع تغير جذرياً بعد 3 سنوات اذ أضحى كل شخص يشعر بمسؤولية تجاه انجاز المهام الموكلة اليه. وقام غصن من أجل تعبئة معاونيه بتنفيذ مبدأ الالتزام بحذافيره وفق القاموس الداخلي للكلمات الرئيسية: «ان الالتزام هو هدف يجب تحقيقه». و يتم دعم هذا الهدف بمعطيات رقمية وما ان نتعهد بتنفيذه، ما من أمر يعيق تحقيقه سوى الاحداث الخارجة عن سيطرتنا، وفي حال عجزنا عن التنفيذ يتوجب علينا تحمل العواقب. «تعتمد طبعا» العديد من الشركات على مبدأ الالتزام الا ان قلة منها تعتبره الى هذه الدرجة بمثابة وعد يُلزم المدير بشكل خاص. ويلحظ المسؤولون الذين تم استجوابهم ومراقبون آخرون أن ثقافة الالتزام هذه كانت الحافز الاساسي وراء انعاش نيسان المذهل وقد برزت هذه الثقافة على عدة أصعدة: الالتزام الشخصي تبرز مثالية غصن كركيزة اساسية للثورة الثقافية في نيسان فما أن أعلن عن خطة الانعاش حتى أخذ على عاتقه ثلاثة التزامات بسيطة: عودة الارباح ابتداء من السنة الاولى لوضع الخطة في عام 2000، - تخفيض نصف الديون حتى سنة 2002. هامش تشغيلي يتخطى 5.4 في المئة حتى عام 2002. ويعتمد غصن على مثالية التزامه الشخصي من أجل تعبئة معاونيه الا انه مثال الرجل المتطلب الى اقصى حد مع من يعمل معه ويشهد المشاركون في فرق الاعمال لتنفيذ خطة الانعاش على ارادة غصن الحديدية في ايجاد الحلول الجذرية و مطالبته الدائمة لهم بأن يقوموا بالتغيرات الجذرية. كما وضع نظام أهداف بمستوى مضاعف لحث العاملين على التفوق على ذاتهم فبات على المسؤولين أن يتعهدوا بالتزاماتهم لا بل أن يناضلوا كي يتجاوزوا التزاماتهم مما يفسر بشكل اكبر كيفية بلوغ خطة الانعاش التي اعتبرت طموحة للغاية خلال سنتين عوضاً عن الثلاثة الاعوام المتوقعة. شفافية تامة للنتائج يترافق هذا الالتزام بالأهداف مع شفافية لم يسبق لها مثيل في النتائج. وفي حين جرت العادة في اليابان بأن تتكتم الشركات عن حالتها المالية أمام الرأي العام والاعلام راهن غصن على الاعلان عن حالة نيسان معتبراً ان الشفافية ضرورية لكسب ثقة الناس والمساهمين في الشركة. اجراءات سريعة تكمن الخطورة الاساسية في عملية التغيير بالبطء في تحقيق النتائج حتى وان لم تبرز اي معارضة واضحة الا أنه يمكن أن يؤدي في معظم الاحيان الى عودة الامور الى نقطة الصفر. ومن أجل تجنب هذه العقبة جعل كارلوس غصن من عامل السرعة ضرورة اولية معتبراً انه اذا استند بسرعة الى النتائج الملموسة، سيعيد هذا الامر ثقة الناس والموظفين. وانطلقت هكذا عملية التغيير حتى قبل ابرام اتفاق التحالف وخلال أشهر المفاوضات الستة التي سبقت الاتفاق قامت فرق عمل مؤلفة من موظفين من نيسان ورينو بدراسة امكانية الاتحاد وبالتفكير بآليات عمل ملموسة مما دفع غصن الى اعلان "خطة انعاش نيسان" في تشرين الاول 1999 اي بعد ثلاثة أشهر فقط من تسلمه ادارة نيسان. وقد أسهمت عوامل عدة في ترجمة هذه الارادة في تسريع الامور هي: خلق حس الطوارئ واعتماد اجراءات جذرية لخفض التكاليف مع ابراز ضرورتها وحتميتها، التشديد على المهل المحددة لتنفيذ خطة الانعاش، تخفيضات صارمة في التكاليف وباستثمارات مستقبلية، غياب الاحكام المسبقة.حياة كارلوس غصن- تتألف عائلته من زوجة، وأربعة أبناء تراوح أعمارهم بين 11 و19 عاماً، وهو يعلّق أهمية كبرى على دوره كأب في هذه المرحلة من حياة اولاده. وما إن تسلم رئاسة "رينو"، حتى أقامت عائلته في منزل في مقاطعة أنيقة شرق باريس. يجد غصن متعة في ركوب الدراجة الهوائية، وممارسة البريدج، وكرة الطاولة، والمطالعة خصوصاً كتب التاريخ والجغرافيا. زوجته ريتا إمرأة إجتماعية وطبيعية، تفضل الاعتناء بالحدائق على مشاهدة عروض الأزياء، وهي لا تزال تمتلك مطعماً لبنانياً يدعى My Lebanon في أحد أحياء شيبويا في طوكيو. خلال إقامتها في فرنسا، تحرص السيدة غصن على تدريس أولادها الذين يتقنون ثلاث لغات. تتابع إبنتها الكبرى كارولين دراستها في كاليفورنيا، في حين غادر إخوتها نادين ومايا وآنتوني مدرسة "ليسي انترناسيونال" في سان جيرمان للالتحاق بمدرسة أميركية في باريس. في 26 تشرين الثاني، احتفل كارلوس وريتا غصن بعيد زواجهما الـ31، وشاركت إبنته نادين في الحفل الراقص الخامس عشر للمبتدئين في فندق كريون، وهي ترتدي ثوباً رائعاً قديم الطراز من محال ديديي لودو. - نال جائزة «فاوندرز أورد» جائزة المؤسسين» الراقية للأداء المميز في عالم صناعة السيارات من اتحاد جيي دي باور وشركاه»

Comments

Anonymous said…
همرحبا اسمي عمر انا شب سوري بطمح لأشتغل تحت قيادة حضرتك وهادا كل حلمي مع جزيل الشكر
Enigma said…
بتشرف بأي وقت انك اتكون منا

Popular posts from this blog

إمبراطورية عائلة الفهيم قيمتها مليار دولار

المغربي السولامي رحال : من العلف...لأكبر ممون حفلات

طلال خوري: أخذت من والدي 150 مليون درهم عام 1998 خسرت أغلبها في سوق الأسهم