الإماراتي أحمد العبدالله من "دلاَّل عقاري " إلى عضوية نادي المليارديرات


تطل مدة بقاء رجل الأعمال الإماراتي أحمد العبدالله الأنصاري في الظل، حتى حصل على تذكرة المرور إلى عالم المليارديرية، كما أن الطريق لم تستغرق منه أكثر من أربع سنوات، فبعد أن جمع مبلغ 180 ألف درهم من توفير نصف راتبه، وقرض صغير من أحد البنوك اشترى 3 قطع أراض في منطقة مردف بدبي ونام عليها سبع سنوات.خلال هذه الفترة واظب على وظيفته المتواضعة في دائرة الصحة، وكان يدَّخِر نصف راتبه ويعمل في الوقت ذاته وسيطا عقاريا يجمع بائعي ومشتري الأراضي على طاولة واحدة، ولم يستفد

منهم ماديا بقدر ما استفاد من خبراتهم في سوق العقارات التي كانت في بداية تغير مثير لم يكن أحد يتوقع نتائجه.


يحالف الحظ أحمد بعد أن خالفه طيلة سنين عمره، تغير عمراني مثير في منطقة مردف، حيث يملك الرجل قطع الأراضي الثلاث التي يترقبها هناك، فالأرض تساوي اليوم مليوني درهم، يبيعها أحمد ويستقيل من وظيفته عام 2003، ويبحث عن الفرصة الإستثمارية المناسبة. كانت دبي تسير إلى طفرة عقارية، سرعان ما انتبهت لها حكومة الإمارة فبدأت تجود على المستثمرن بالتسهيلات، وتحفزهم للاستثمار في هذا القطاع الذي يصبح فيما بعد من أهم القطاعات الاقتصادية، ليس في دبي وحدها بل في جميع إمارات الدولة. تنبه أحمد لهذه السوق فقرر المغامرة، بشراء قطعة أرض في" تيكوم" التي تقع فيما يعرف اليوم بـ "دبي الجديدة" مستغلا التسهيلات الحكومية والخبرة التي اكتسبها من عمله "كدلال"، ولم تكن مغامرته محسوبة لكونه ضخ ثروته في مشروع واحد مما رفع نسبة المخاطرة إلى 100 %، وقد يتدحرج الرجل على إثرها إلى أسفل الهاوية إذا ما خسر مشروعه... لكن ما الذي حدث؟


كلَّف المشروع أحمد العبدالله مليون درهم توزعت على الأرض التي دفع من قيمتها 10 % وأتعاب المكتب الهندسي الذي صمم البرج، وباع البرج خلال أشهر بـ 120 مليون درهم وهو لايزال ألوانا وحبرًا على ورق. هذا التطور اللافت وفَّر للعبدالله الملائة المالية التي تؤهله لمعاودة الكرة، فاشترى 4 قطع أراض واتبع الأسلوب نفسه، فباع برجا آخر كلَّفه تشييده 100 مليون درهم بـ 400 مليون. بعد ذلك احتراما وتقديرا لـمنطقة "دبي الجديدة" أسس شركة سماها باسمها "دبي الجديدة" للاستثمارات، تبلغ حجم استثماراتها القائمة اليوم 10 مليارات درهم. وسرعان ما أصبحت من أنشط الشركات وفق تلك المعادلة الاستثمارية البسيطة التي تقوم على أساس "أرض + تصاميم = أرباح طائلة". يقول أحمد العبدالله "الأرباح كانت مذهلة للغاية، فأن أصبح مليارديرا في 4 سنوات هذا بالضبط ما لم أتوقعه"، ويضيف "إن عرافا تنبأ بذلك حين قرأ كفي وعمري 14 عاما، وقتها سخرت العائلة".

ثروة الملياردير الإماراتي الخاصة التي بقيت عصية على وسائل الإعلام خاصة على المطبوعات التي تختص بجمع الأرقام، وحساب ثروات المستثمرين العرب وتصنيفهم في لوائح أغنياء العالم أو أغنياء العرب، كشفها أحمد العبدالله "للأسواق، نت" وقدرها بـ 6 مليارات درهم ، أي أكثر من 1.6 مليار دولار هي عبارة عن أرصدة، وأصول في بنوك محلية وعالمية، وعقارات خاصة في أبرز مشاريع دبي، وأخرى في العالم خاصة أستراليا، وسيارات فارهة، ونصيبه من استثماراته، وقيمة شركته العقارية التي تطمح إلى استمارات مستقبلية تبلغ 15 مليار درهم؛ أي ما يتجاوز 4 مليارات دولار. وبهذه الأرقام يكون العبدالله قد وضع نفسه على طريق تصله إلى قائمة " مجلة فوربس" الأمريكية لأغنياء العالم بثروة تؤهله لشغل مكان مرموق بين نظرائه من الأثرياء العرب ، ومواطنيه الإماراتيين حيث سيحل بعد رجل الأعمال خلف الحبتور الذي تبلغ ثروته 2.5 مليار دولار وسيتقدم مهدي التاجر وتبلغ ثروته مليار دولار شرط ألا يحدث أي تغير في ثروة هذين الثريين .

ويتذكر أحمد العبدالله طفولته بمزيد من الضحك "كنت فاشلا دراسيا وكانت (الدوائر) -ويقصد بها الأصفار- تلون شهاداتي، خاصة في المرحلة الثانوية، وكان مستحيلا أن أحصل عليها في الإمارات، فاقترحت والدتي علي أن أواصلها في الولايات المتحدة حيث يدرس أخي ضمن بعثة الحكومة الإماراتية، وفعلا أتممت المرحلة الثانوية في الولايات المتحدة، وانتسبت إلى كلية العلوم الإدارية، وتخرجت فيها". أما عن ظروف العائلة وحالتها المعيشية فيقول "ولدت عام 1965 في منطقة الرأس بديرة لعائلة متوسطة الحال، كان والدي يمتلك محلا لتجارة الملابس الإماراتية التقليدية، وأمن لنا حياة مقبولة، وكنت أنوب عنه خلال فترات استراحته وعطلاته في المحل".

هذه المنطقة، منطقة الرأس بديرة كذلك هي مسقط رأس رئيس شركة إعمار العقارية محمد العبار، والوزير الإماراتي محمد القرقاوي، وهما من الأسماء البارزة التي يتداولها الناس حين يتحدثون عن إنجازات حكومة دبي. لا يغار منهم ابن منطقتهم أحمد العبدالله، ولا يطمح كما يقول إلى أي منصب حكومي مثيل أو مشابه، ففي رأيه أن المال يعطي صاحبه سلطة مطلقة إذا أحسن استخدامه، أما التوظيف والعمل الحكومي فيقيدان المرء، وهذا ما لا طاقة له ليستوعبهما.

إضافة إلى الصدق مع الذات والعالم، واللعب في الوقت المناسب بالورقة الصائبة، والحظ، هناك مفتاح نجاح آخر يمتلكه العبدالله، ويسرده بشكل شاعري "الهدوء في العش العائلي؛ يمكِّنك من التحليق عاليا عندما تشرق الشمس، ستسطيع أن تسمو مهما كان المحمول ثقيلا، وهذا مفتاح نجاح مهم، وأقصد زوجتي التي لا تتدخل في شؤون العمل، وحرارة الصفقات ولا تصرخ حين أغيب أو أتأخر عن المنزل لساعات متاخرة، هذه الأمور تثير -عادة- ثائرة النساء".

يرفض العبدالله -كفئة قليلة من المقتدرين ماليا- أن يتحدث عن الجانب الخيري في حياته، لكننا وبالاتصال بأصدقاء وموظفي العبدالله عرفنا أنه أعطى مؤخرا لـ 60 سجينا حريتهم، وأنه يبني حاليا بضعة مساجد على نفقته الخاصة، ويخصص سنويا 5 ملايين درهم للتعليم، ومثلها للصحة، وهو في طريقه إلى إطلاق مؤسسة تعنى بالعمل الخيري والإنساني. وهو متفق مع مستشفيات عدة في دبي لإعانة المرضى، ممن لا يتسطيعون دفع فواتير العلاج لبعض الحالات المستعصية. واللافت أن هناك رحلة تنطلق من مكتبه بحثا عن فقراء ومحتاجين مفترضين، وهي رحلة يومية أو أسبوعية يرسل فيها أحمد العبدالله فريقا يجوب مناطق عدة في الإمارات ليقف على احتياجات بعض الناس ممن طالتهم أنياب الفقر والمرض

Comments

Popular posts from this blog

إمبراطورية عائلة الفهيم قيمتها مليار دولار

طلال خوري: أخذت من والدي 150 مليون درهم عام 1998 خسرت أغلبها في سوق الأسهم

المغربي السولامي رحال : من العلف...لأكبر ممون حفلات