نظمي أوجي: مشوار طويل في عالم الأعمال



قصة نجاح نظمي أوجي في عالم الأعمال مشوار طويل بدأه حين ترك الجامعة شابا يافعا يبحث عن المتاعب. وكانت الصفقة الأولى مشروعا لمد الكابلات في منطقة خارج بغداد بقيمة 430 ألف دولار.. كان على الشاب الطموح أن ينفذ هذا المشروع في مدة محددة، وإلا تكبد غرامة لا طاقة له بها، فاضطره ذلك ليشارك بنفسه العمال في عملهم الشاق وأنهى العمل قبل الموعد المحدد بأسبوعين محققاً أول ثروة في حياته «بضع عشرات الآلاف من الدولارات».
لا يعرف نظمي أوجي مقدار ثروته ولا يود ان يتحدث عن ذلك، لكن المقربين منه يقولون إنها تزيد عن ملياري دولار، أما صحيفة «صاندي تايمز» البريطانية، التي تنشر كل عام قائمة بأسماء الأثرياء وحجم ثرواتهم، فوضعته في تقرير نشرته قبل اسبوعين في المرتبة 22 بين الاثرياء الألف الأول في بريطانيا وقدرت ممتلكاته بنحو ثلاثة مليارات دولار.
يعمل أوجي أكثر من 12 ساعة في اليوم ولا يرتاح إلا يوما واحدا في الاسبوع. يمارس نشاطه عبر مجموعة «جنرال مديترنيان» التي يرأسها. ويضم مجلس الادارة اقتصاديين ودبلوماسيين عربا واجانب، من بينهم وزير المال البريطاني السابق نورمان لومونت، والرئيس السابق للمفوضية الأوروبية جاك سانتير، ورئيس برلمان أوسكوتلندا لورد دايفيد ستيل، ورئيس البرلمان الأردني عبد الهادي المجالي.
وتقوم «جنرال مديترنيان» التي يعمل فيها أكثر من ستة آلاف موظف وعامل في أكثر من 30 بلدا حول العالم بأنشطة مختلفة، منها السياحة والعقارات، والطيران والأعمال المصرفية والفندقية، وعمليات الاسهم وقطاعات الطاقة والأدوية والمنتجات الغذائية، كما تملك ميناء تجاريا في بلجيكا. ومن بين أهم أصولها شبكة «لو رويال» الفندقية الشهيرة بدرتها الرئيسية فندق «لو رويال» لكسمبورغ، وفنادق أخرى في المغرب وتونس والأردن ولبنان وفرنسا واسبانيا.
الذين يعرفون نظمي أوجي جيدا يقولون عنه إنه رجل اعمال صعب، يعرف متى يتحصن ومتى يقدم ومتى يحجم ولا يشتغل «إلا على المضمون». من هنا قوله إنه لا يدخل في مشروع إن لم تكن له فيه الحصة الغالبة. أما أفضل الفرص لتحقيق الثروات عنده فهي في شراء أسهم الشركات الممتازة حين تكون السوق هابطة «لأن اسهم هذه الشركات تعود فتنتعش بعد تراجع قيمتها الناجم عن تراجع السوق وليس عن رداءة في الاداء».
سر النجاح عند أوجي يكمن في إلمام رجل الأعمال بالحقل الذي يعمل فيه، وسعيه للحصول على الضمانات التي تحمي استثماره من المخاطر. بيد أنه يقر بأن النتائج قد تكون سلبية احيانا «مهما سعى المرء الى ان تكون مغايرة لذلك».
في حياته العملية نفذ أوجي عشرات الصفقات الناجحة، واستطاع في مدة لا تزيد عن عشرين عاما ان يحقق مئات الملايين من الدولارات، صنع معظمها خارج العراق والعالم العربي، لكن واحدة من هذه الصفقات كانت موضع تساؤل وجلبت له المتاعب وأثارت جدلا لم يهدأ بعد، وهي عملية شراء مصفاة «آرتويل» النفطية في اسبانيا من مكتب الاستثمارات الكويتية وبيعها لشركة النفط الاسبانية «سبسا» ضمن صفقة هيأتها مجموعة «ألف أكيتان» الفرنسية وكان أوجي الطرف الرئيسي فيها. وقد تشابكت القوانين والمصالح في هذه الصفقة وتحولت الى قضية قضائية في فرنسا لم تكن نتائجها لصالح أوجي، مما حمله على تقديم استئناف يطلب فيه البراءة الكاملة.
في أشهر معدودة حقق أوجي في صفقة «آرتويل» أكثر من 30 مليون دولار، إلا أنها لم تكن «الخبطة» الكبرى في حياته. ففي عام 1992 أقدم على بيع نسبة 50 في المائة من أسهم مصرفه «كونتيننتال لكسمبورغ» وحصة 20 في المائة من أسهم مصرف «باريبا لوكسمبورغ» في صفقة قدرت أرباحها بنحو 120 مليون دولار.
وعلى رغم ما هو شائع عن نظمي أوجي الذي ولد في بغداد ودرس الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة المستنصرية بالعراق بأنه رجل أعمال، لكن قليلا من الناس من يعرف انه دخل ميدان السياسة وقاده ذلك الى السجن ثلاث مرات في عهد عبد الكريم قاسم، ومرة في عهد عبد السلام عارف، ومرة في عام 1962 وفي عام 1970 سجن غير مرة وأمضى في «قصر النهاية» فترة يصفها بأنها كانت الأسوأ في حياته.
وقد تكون تجارب السجن والاعتقال وراء بعض نجاحه. وقد تكون أيضا السبب الذي جعله يحن الى السياسة والعمل العربي، لكن ليس في بغداد هذه المرة، وانما في لندن حيث يرأس المنظمة الانجليزية ـ العربية التي تسعى كما يقول «إلى ايجاد تعاون يقوم على الثقة والمصالح المشتركة بين بريطانيا والعالم العربي ويؤدي الى وجود عربي فاعل ينعكس خيراً على السياسة البريطانية تجاه القضايا العربية».
ويقول أوجى المقيم في لندن منذ أكثر من 25 عاما، إنه لا يستبعد ان تتعرض المنظمة للنقد والهجوم من جانب من يعتبرون أي نوع من تقارب بريطاني عربي ضررا بمصالحهم، كما يطمح الى ان يتحول نشاط المنظمة في بريطانيا الى نموذج تستلهمه الجاليات العربية المنتشرة في أوروبا وأميركا والقارات الاخرى، ليكون للعرب حيث يوجدون صوتهم المسموع».
إلى جانب جنسيته العراقية، يحمل أوجي الجنسية البريطانية والجنسية اللبنانية، كما يحمل سبعة أوسمة من ملوك ورؤساء عرب وأجانب، وهو أول شخص غير كاثوليكي تمنحه حاضرة الفاتيكان وساما بابويا من درجة فارس.
هل يعتبر أنه حقق في حياته ما يريد وهل يشعر بالسعادة؟
ينفي ذلك ويقول: «راحة البال أهم من المال، وهوية المرء أغلى من الثروة بما لا يقاس، ومن هنا لا أجد معنى لأي مجد شخصي أحققه خارج هوية بلادي ومجدها
».

Comments

Popular posts from this blog

إمبراطورية عائلة الفهيم قيمتها مليار دولار

طلال خوري: أخذت من والدي 150 مليون درهم عام 1998 خسرت أغلبها في سوق الأسهم

المغربي السولامي رحال : من العلف...لأكبر ممون حفلات