أنسي ساويرس... عميد العائلة الصعيدية



بدأت حياة أنسي ساويرس العملية في صعيد مصر حيث أسس شركة للمقاولات عرفت في البداية باسم لمعي وساويرس. وكانت هذه الشركة هي "تميمة الخط" التي فتحت عليه أبواب عالم البيزنس حيث انفرد "انسي" بالشركة عام 1950 واتسع نشاطها بشكل غير مسبوق حتى جاءت قوانين يوليو الاشتراكية عام 1961 لتقسم ظهر الشركة ويتعرض انسي لأول ضربة قوية تفقده اتزانه حينما تعرضت شركته إلى ما يسمى في ذلك الوقت التأميم الجزئي، ثم تلقى انسي الضربة القاضية لأعماله عندما تم تأميم الشركة بشكل كلي في العام التالي حيث تم تعيينه مديراً بالشركة لكن الثورة لم تترك للرجل قرشاً واحداً من الثروة، وكما يصف أحد أبنائه "نجيب ساويرس" الموقف لنا ويقول لقد أخذوا منا كل شيء ولم يتركوا لنا شيئاً. وأصبحت الشركة على البلاط.عام 1966 غادر انسي الى ليبيا، وهناك احترف بيزنس التوكيلات والمقاولات ونجح في ظل النظام الملكي واستمر يمارس نشاطه حتى عام 1975.ومع بداية عصر الانفتاح الاقتصادي، وافتتاح الأسواق المصرية قرر الرجل العودة من "منفاه الاقتصادي" وكان من الطبيعي أن يستثمر خبرته الواسعة في مجال المقاولات فأقام شركة "أوراسكوم" للمقاولات التي استطاعت أن تعمل في الظل وتحصل على بعض المقاولات الصغيرة من "فم الأسد"، وكان أسد المقاولات في ذلك الوقت هي شركة "عثمان أحمد عثمان".ورغم كل الظروف الصعبة التي مر بها "انسي ساويرس" إلا أنه كان حريصا على "مشروعه الكبير" الذي كان يعرف جيداً أنه من الصعب على ثورة أن تؤممه أو تخطفه من بين يديه في يوم وليلة. وكان هذا المشروع هو أولاده الثلاثة "سميح وناصف ونجيب" الذين كانوا بالنسبة له كل رصيده الذي يملكه، وكما يقول "نجيب ساويرس": لقد كان من أعظم قرارات والدي المبكرة أنه وضع استثمارات هائلة لتعليمنا وتزويدنا بأفضل مستويات الخبرة، حيث كان يرى أن أولاده هم رأسماله الحقيقي


.الاستثمار في الأبناء


كان أجرأ قرار اتخذه "انسي ساويرس" في حياته هو ايفاد أولاده الثلاثة للتعلم بالخارج. ـ كان ذلك بعد تعرضه للتأميم مباشرة حيث أرسل نجيب إلى "سويسرا" للالتحاق بمعهد بولي تكنيك، وهو معهد معروف بتخريج القاده، وكبار رجال الادارة العليا بأوروبا. كما أوفد "سميح" إلى جامعة برلين، وناصف إلى جامعة شيكاغو المتخصصة في الأعمال والمال.وكأن الرجل أراد أن يجمع بين الدقة السويسرية، والماكينة الألمانية، وصناعة البيزنس على الطريقة الأميركية، وبالفعل كان له ما أراد عندما عاد الفرسان الثلاثة إلى مصر. حيث كانت مؤسسة "أوراسكوم" للمقاولات. أصغر من أحلام الابن العائد من سويسرا "نجيب" فقرر أن يجرب حظه في نشاط آخر فاتجه إلى الحصول على التوكيلات الأجنبية.ثم اتجه بنشاطه بعد ذلك إلى السكة الحديد. وبالتالي توسعت الشركة الأم إلى أن جاء سميح الابن الثاني من ألمانيا واستطاع أن يحول هواياته وحبه وعشقه للبحر والصيد إلى نوع آخر من التوكيلات والآلات البحرية، ثم بدأ مشروعه الكبير في مدينة الغردقة المعروف باسم الجونة الذي بدأ بمجموعة من الأكواخ الصيفية واتسع بعد ذلك ليصبح مدينة كاملة تضم 7 فنادق عالمية و350 فيلا تم بيع نصفها للايطاليين ونصفها الآخر للعرب والمصريين.واكتملت الدائرة بعودة الابن الثالث ناصف من شيكاغو عام 1982 وقرر أن يبدأ بطريقته من حيث بدأ الأب فدخل عالم المقاولات. وهكذا أضاف كل ابن من الأبناء الثلاثة حجراً لشركة "أوراسكوم" حتى وصلت إلى الشكل الذي يراه عليها الناس.


لا للمستشارين


الغريب أن شركة "أوراسكوم" التي اخترقت كل مجالات الاستثمار والتخصصات الاقتصادية ووصل حجم استثماراتها في مصر من عام 1995 وحتى الآن إلى 900 مليون دولار أي حوالي ملياري جنيه مصري في أنشطة محددة مثل مصنع للأسمدة ومصنعين للأسمنت وثالث للحديد والصلب وآخر للبويات، ومصنع للغازات الصناعية. الغريب أن هذه الشركة لا تعرف الأسلوب الذي تدار به الشركات العالمية فلا تستعين الشركة مثلاً بالمستشارين، وانما تدار أعمالها بأسلوب خاص يمكن أن يطلق عليه اسم "ادارة العائلة" الذي يعود إلى ترابط عائلة "انسي ساويرس" حيث يحرص أفراد العائلة على الاجتماع على الغذاء ثلاث أو أربع مرات أسبوعياً حيث يتم مناقشة كل شيء، كالسياسات العامة والمشروعات، وكما يقول "نجيب ساويرس" نحن لا نعمل بمفردنا في كل المشروعات بل نعمل بأسلوب المجموعات الاستثمارية ولنا شركاء في شركات الأسمدة والحديد والصلب.


ساويرس في الأسواق العربية والأفريقية

ورغم حرص الـ"ساويرس" على التأكيد أن معظم استثماراتهم في مصر إلا أنه كان من الطبيعي أن يمتد نشاطهم الاقتصادي إلى أسواق أخرى. وعلى مستوى العالم العربي استطاعت شركة "موبينيل" التابعة لـ"أوراسكوم تليكوم" شراء حصة ضخمة من شركة "فاست لنك" في الأردن وشركة "أوراسكوم تليكوم" وتضم ما يقرب من 16 مجموعة وشركة وتتخصص في أعمال الاتصالات وخدمات وأنظمة الانترنت والكومبيوتر. كما وقعت شركة "أوراسكوم تليكوم" اتفاقاً لشراء 8 من شركة "تليسيل انترناشيونال" ـ كبرى شركات تقديم خدمات الاتصالات التليفونية المجموعة بنظام GSM في أفريقيا وذلك بعد صراع مع المجموعة لشركة "بيزاك" الاسرائيلية. وقد قدرت هذه الصفقة بحوالي 413 مليون دولار.كما تسعى مجموعة "ساويرس" للحصول على مشروعات تشييد وبناء مصانع في مجالات عديدة من خلال شركة "أوراسكوم للانشاء والصناعة" وقد نجحت الشركة بالفعل في الدخول في السوقين الفلسطينية والجزائرية وأنشأت الشركة بالفعل مصانع تصل قيمتها إلى 200 مليون دولار في مجال الأسمنت.وإذا كانت مجلة "فوربز" الأميركية قد حددت ثروة ساويرس بما يقدر بمليار دولار إلا أن هذا الرقم أو غيره يظل سراً من أسرار العائلة فإذا سألت أي فرد من الأسرة عن حجم استثماراتهم وثروتهم الحقيقية سيقول لك لا أعرف. والأهم من ذلك أنه سيؤكد لك أنهم يدققون فقط في حجم الخسارة ولا يسألون أبداً عن حجم الربح.

Comments

Popular posts from this blog

إمبراطورية عائلة الفهيم قيمتها مليار دولار

طلال خوري: أخذت من والدي 150 مليون درهم عام 1998 خسرت أغلبها في سوق الأسهم

المغربي السولامي رحال : من العلف...لأكبر ممون حفلات