المليونير الكردي عارف رمضان.. جمع ملايينه في دبي بعد "مأتم" في تركيا




الحلم الذي أيقظ رجل الأعمال الكردي، محمد عارف رمضان في مغتربه بدولة الإمارات العربية المتحدة عام 1989، جاء مخاضا لسنوات طويلة تناغم فيها الثراء .مع الفقر، والعطاء مع الحاجة، والأمل مع الصعوبات، وهو الحلم الذي يقول عنه محمد عارف "يجب أن تمتلكه حتى يمكنك أن تستيقظ في الصباح". وهو أيضا الحلم نفسه الذي يقود صاحبه إلى الثروة عندما يمتلك الإيمان بتحقيقها. في ثمانينات القرن المنصرم وجد عارف وإخوانه الأربعة أنفسهم، قد فقدوا كل ما يمتلكون من ثروة وعقارات عبر صفقة غير محسوبة قذفت بهم إلى الحضيض. كان على الشاب حينها استعادة أمجاد العائلة المنحدرة من مدينة عامودا الكوردية شمالي شرق سوريا، وتحت وطأة الظروف الجديدة اتخذ قرار الهجرة من الوضع الجديد إلى النجاح المأمول في بلد جديد.
حال العائلة.. الثراء والتدين
يروي الحاج محمد عارف رمضان في أنه "ينحدر من أسرة متدينة ثرية، كان الوالد يمتلك عددا من الحصادات الزراعية لكنه وتحت انتشار "موضة" الحصادات غيرت خط "البيزنس" إلى الفندقة والعقارات وتوجهت إلى مدينة حلب.
ويضيف "هناك اشترينا فندقا مؤلفا من 3 طوابق" وافتتحنا معرضا لبيع وشراء وتأجير السيارات، وبعد ثلاث سنوات ساعدنا نجاحنا بشراء أقدم فنادق المدينة وهو فندق اليرموك (4 طوابق) وكان قد نزل فيه الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر.
وفي حديثه عن الحادثة المثيرة التي أفقدت العائلة ثروتها وفنادقها خلال فترة الثمانينات يقول "حدث ذلك عبر صفقة سيارات كنا أحد ضحاياها، فقد قامت مجموعة من الأشخاص بشراء أعداد هائلة من السيارات، ضمنها سيارات تتبع مجموعتنا ودفعت لنا مبلغا أوليا فيما قسطت الباقي عبر "كمبيالات" أي شيكات، وخلال أيام أعادت بيع ما اشترته من سيارات نقدا في حلب وهربت خارج الدولة، وكانت خسارتنا فادحة دفعتنا إلى بيع الفندق الأول لإيفاء الالتزامات ثم الفندق الثاني وبعض العقارات المتفرقة الأخرى وهكذا فقدنا كل شيء".


التحق بالجيش وغادر مقاعد التعليم

في ظروف صعبة للغاية اضطر عارف الالتحاق بالخدمة العسكرية حتى يتسنى لأخيه الأكبر رعاية أسرته بصفة "معيل" وهذه الصفة تمنح السوريين حق التأخرعن الالتحاق بالجيش إلى حين وجود معيل آخر من العائلة نفسها.
غادر عارف مقاعد الدراسة إلى صفوف العسكر، وكان يستغل الفترات المسائية خلال عامين ونصف العام من خدمته الإلزامية في تعلم صنع ومهارات تعينه بعد التسريح في شق دربه الطويل وفقا للنمط الجديد من الحياة التي دخلها بفعل الظروف.
بعد العودة إلى الحياة المدنية بقليل عرض عليه شاب سوري سبق له العمل مع عارف في ديكورات أحد فنادقه عرضا بالسفر إلى الخليج عبر أخيه المتواجد هناك. وافق عارف وغادر إلى دبي بعد أن حصل على تمويل الرحلة من خاله.


الطريق إلى الإمارات

يقول عارف "كنت أعرف أن ثمة شيئين أمامي في مغتربي: إما المجد أو الخطر لكنني كنت متأكدا أن ما أؤمن به أستطيع تحقيقه، لذلك قررت بدء المواجهة".
عمل عارف بعد قدومه إلى دولة الإمارات في مجموعة بطي بن بشر للديكور والأثاث براتب شهري قدره 1100 درهم (الدولار=3.654 درهما)، كان أغلبه يذهب إلى سداد قروض تأشيرة اقامته التي اشتراها عبر أقساط بـ 7 آلاف درهم.
بعدها بعام وثلاثة أشهر انتقل للعمل كبائع في مصنع للبلاستيك براتب 1500 درهم، ومع مرور الوقت يقول عارف "فوجئت حين عرض علي صاحب المصنع منصب المدير العام، وكنت أعرف أنه ليس بإمكاني إدارته فطلبت منه التريث ريثما أتمكن من فهم آلية العمل والإحاطة بالتفاصيل، فقمت بالعمل في كل وحدات الإنتاج كعامل، وحققت نتائج إيجابية وبعد 6 أشهر وأنا أنتقل من قسم لآخر انخفضت نسبة الهدر وارتفعت الأرباح 300 ألف درهم فطلب مني تحديث المصنع بآلات مستوردة من تايوان وتسجيل نصف قيمته السوقية باسمي، ذهلت من طلبه وطلبت تفسيرا".
وفقا لما أفاد به مقربون من عارف كان صاحب المصنع يريد تزويجه ابنته لكن عارف وجد في الصفقة ما لا يتوافق مع منظومته القيمية والاجتماعية فترك عمله مخلفا وراءه قصة نجاح منتظرة لم تكتمل كل تفاصيلها.


... وتستمر المعاناة
كان عارف يحمل حينها في جيبه 100 درهم فقط، التقى شبابا أكراد طرحوا عليه العمل في شركة إعلانية، كمندوب مبيعات، وسرعان ما أقنع عارف الشركة بفكرة إعلانية أدرت عليها بعد ثلاثة أيام من العمل 1.5 مليون درهم، نصيب عارف منها 150 ألف درهم "وفقا لأحاديثه "نصبت الشركة عليه".
بعدها عمل عارف سائقا وبائع أقمشة خلال فترة الصباح ونادلا في مطعم مسائي مقابل "لقمة العيش" إلى أن تمكن من افتتاح محل خاص لكي وتنظيف الملابس عام 1994، وعمل بالتزامن موظفا في أحد معارض الأثاث والديكور التجارية في عجمان،حيث تدرج هناك إلى أن أصبح مديرا للمعرض براتب 5 آلاف درهم.
يتابع عارف "كنت أتعاقد مساء مع المطاعم والفنادق لتنظيف الشراشف وملابس النزلاء في محلي لكي وتنظيف الملابس، ولم أكن أتردد في مساعدة العامل في الغسيل والكي حتى فترات متأخرة من الليل".

كيف يضحك الحظ في تركيا؟

وتخرج الحياة من تحت الأنقاض ويبتسم الحظ في "مأتم" بتركيا تواجد فيها عارف مقدما العزاء لأحد الأقرباء.
أحد المعزين وهو تاجر أقمشة معروف سأل القادم من دبي إمكانية نقل شحنات من الأقمشة من دبي إلى تركيا ليتم تصديرها إلى كوردستان العراق فأجابه الضيف الوافد بنعم، وسأله هل يستطيع الحصول على ترخيص؟ فأجابه من الأمم المتحدة مباشرة.
التعاقد اللفظي ترجم إلى أرقام عبر شحنتين من الأقمشة نجحت نجاحا باهرا ورفعت سقف الثقة بين الشركاء الجدد ووضعت عارف على بداية طريق نجاحه الطويلة.
يقول عارف "كان العراق تحت الحصار العالمي يعاني الأمرين في الوقت نفسه كان حال كوردستان العراق يزداد سوءا لأن الرئيس العراقي السابق صدام حسين كان يضيف على حصار العالم حصاره الشخصي على المنطقة الكردية".

ولادة الحلم ..الشركة الخاصة

ويتابع عارف "قمنا بتصدير مئات آلاف أطنان الأقمشة بإشراف الأمم المتحدة وقمنا بتصدير كميات من البضائع الأخرى المسموح بها، وهنا كنت قد أسست شركة تجارية باسم مدينة الوصل للتجارة العامة وعرفت فيما بعد باسمي وأصبحت تسميتها "شركة عارف رمضان التجارية" بموجب ترخيص رسمي من السلطات المختصة في إمارة دبي".
وبعد ازدهار الأعمال واتساع رقعتها الجغرافية أسس عارف شركة أخرى للنقل تتغذى من الشركة التجارية واستطاع أن يفتتح معرضا لتأجير السيارات في دبي بلغ عدد أسطولها 68 سيارة من مختلف الموديلات، ووضع الشركات كلها تحت اسم "مجموعة شركات عارف رمضان التجارية" رأسمالها يقدر بالملايين.
وتمتلك الشركة عددا من الفروع موزعة على عدد من دول العالم منها فرعان في الصين وفرعان في العراق و3 في كردستان العراق واثنان في كوردستان إيران وفرعا في مدينة طرطوس السورية.
ويستعد الحاج عارف إلى الدخول في مجال الضيافة والعقارات التي يرى فيها فرصا واعدة خاصة سوق العقارات الثانوية.

مؤسسات يخدمها وأحلام يتطلع إليها

وإلى جانب أعماله التجارية ساهم الحاج عارف في تأسيس مؤسسة سما كورد للفن والثقافة الكردية مع عدد من الكورد في دبي وكان حينها ممولا قبل أن يصبح مالكا لها وسما مؤسسة تعنى بالشؤون الثقافية الكوردية وجسر الهوة بين الطرفين العربي والكوردي. إضافة إلى هذه المؤسسة ثمة "علي" و"حديقة" وهما أركان مؤسسة العائلة أضافة إلى والدتهم زينب يعطيهم الحاج من وقته الكثير.
ويلعب أبو علي دورا كبيرا في قطاع الأعمال والاستثمارات المتجهة إلى كردستان بصفته ممثل اتحاد رجال الأعمال العراقيين فرع كردستان في دولة الإمارات، ومعلوم عنه حرصه على مد يد الخير والعطاء لأبناء الجالية الكردية في إطار مساعي فردية وجماعية، ويحلم اليوم بإنهاء دراسته الجامعية بكلية العلاقات السياسية الدولية بدولة كازاخستان رغم أن عمره يتجاوز 44 عاما.

Comments

Popular posts from this blog

إمبراطورية عائلة الفهيم قيمتها مليار دولار

طلال خوري: أخذت من والدي 150 مليون درهم عام 1998 خسرت أغلبها في سوق الأسهم

المغربي السولامي رحال : من العلف...لأكبر ممون حفلات